يعاني عدد كبير من سكان لبنان من الإصابة بالأمراض السرطانية، ويعود ذلك بحسب خبراء إلى تفاقم المشكلات البيئية في هذا البلد المعروف بتنوعه البيئي وجمال طبيعته.
وكشفت دراسة حديثة نشرتها منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من 17 ألف إصابة جديدة سجلت في عام 2018. كما أظهرت الدراسة أن 242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني، وهو معدل عالٍ جدا بالمقارنة مع معظم دول العالم.
© • •
A Lebanese Bedouin boy prepares to jump into the polluted waters of one of the branches of the Litani river in July 2012 (AFP)
بحسب الدراسة، فإن أكثر البلدات اللبنانية التي تعاني من هذا المرض هم بر الياس، وحوش الرافقة، وتمنين التحتا.
ويُعدّ نهر الليطاني العنوان الأبرز في ملف التلوث البيئي في لبنان. فهذا النهر الذي يقطع البلاد من شمالها إلى جنوبها نابعاً من بعلبك وصابّاً في البحر المتوسط شمالي مدينة صور، يطلّ على مئات البلدات والقرى والأراضي الزراعية. وقد بات بحسب تقارير عدّة "مكبّاً للنفايات السائلة" التي تطلقها المصانع وشبكات الصرف الصحي غير النظامية، فضلا عن كونه مرتعاً للعديد من الأمراض.
خلال العام 2018 تم إغلاق 79 مؤسسة صناعية غير مرخصة شرق لبنان تتسبب في تلويث النهر، وتم توجيه تنبيه لـ 72 مؤسسة مرخصة بهدف الزامها بشروط التراخيص القانونية والبيئة والصحية. وجاءت هذه الاجراءات من مصلحة الليطاني بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة اللبنانية.
رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية قال في مقابلة معه إن مصلحة الليطاني أرسلت عشرات الإنذارات القانونية الى المصانع التي ترمي مخلفاتها في النهر إلا أن "هذه الانذارات لم تأت بنتيجة"، وما زالت المصانع مستمرة في تلويث النهر الأطول في لبنان.
وأضاف علوية أن "الحكومة اللبنانية رصدت مبلغ يقارب 400 دولار لتنظيف مجرى النهر إلا أن عمليات التنظيف لم تبدأ بعد وهذا ما يسبب زيادة التلوث".
ولا تمتلك مصلحة الليطاني دراسات دقيقة حول ارتباط التلوث بانتشار مرض السرطان في المناطق المحيطة بالنهر.
وكشف علوية أن الجامعة الأمريكية كان من المفترض ان تجري بحثاً مفصّلاً حول الموضوع، "لكن لأسباب سياسية تم منعها من إجراء الدراسة"
بحسب هذا المسؤول وغيره، فإن مشكلة التلوث في الليطاني "يجب أن تكون القضية الأهم على الساحة اللبنانية ولا يتفوق عليها أي قضية".
وتعقد عشرات الجمعيات المختصة ومؤسسات المجتمع المدني والناشطين جلسات توعوية لبحث هذه القضية، كما تشكلت لجان مدنية وحقوقية وأخرى من مختصين وخبراء للكشف المستمر على النهر.
ويطالب هؤلاء بأن تتوقف المصانع فوراً عن رمي المخلفات كما يسعون لإنشاء هيئة بيئة مختصة في متابعة الوضع في الليطاني وملاحقة المتسببين في تلوثه.
يعلق علويّة على هذا قائلا إن "بعض أصحاب المصانع لديهم نفوذ، لذلك لا يتم اتخاذ اجراءات رادعة في حقهم".
ويتابع مدير مصلحة الليطاني: "يجب على الحكومة اللبنانية تغليظ العقوبات بحق المقصرين كما يجب ان يتم العمل على استحداث دراسة دقيقة حول أعداد المصابين بمرض السرطان بسبب النهر ونشر كافة المعلومات والأرقام لوسائل الإعلام وفضح جميع المتورطين في هذه الكارثة بالأسماء حتى لو كانوا أشخاصاً من ذوي النفوذ".
دانية المعايطة صحفية أعمل مراسلة أخبار في قناة فرانس 24 عربي من الأردن , مسؤولة عن تغطية كافة القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئة في الأردن
Share this page on